تمهيد : نبذة عن تاريخ الوقف

يعد الوقف ثمرة من ثمار الإسلام المباركة، ومظهرًا من مظاهر الحضارة الإسلامية الذي انفردت به عن بقية الحضارات الإنسانية، وهو بأبعاده الروحية، وتعبيراته الثقافية، وإجراءاته الاقتصادية، وتعاملاته الاجتماعية، العامل الأهم في تقدم وازدهار الحضارة الإسلامية.

إن الوقف هو أحد أفضل أعمال البر والإحسان التي تتحقق بها مقاصد الشريعة الإسلامية السمحاء، وهو المحضن الذي تبلورت فيه قيم التكافل الاجتماعي، ورعاية حقوق الضعفاء، والإنفاق في أوجه البر، وهو المورد الذي يفيض بالخير على كثير من المؤسسات، والمرافق الاجتماعية، والثقافية، والدينية، والمعمارية، فمن موارده شُيّدت المساجد، والمدارس، والمكتبات، والمشافي، وأقيمت السُبُل لخدمة أبناء السبيل، وأيتام المسلمين، ومسحت دموع الأرامل، والعجائز، وكبار السن، وفُرّج عن المسجونين والغارمين، ومن أموال الوقف أيضًا حفظت كرامة ذوي الاحتياجات الخاصة، وأصحاب الأمراض المزمنة، وبُنيت المرافق العامة، ورُصفت الطرق، وحُفرت الآبار، ومُدّت الجسور، ووُفرت الملابس، والأطعمة للفقراء والمساكين وأبناء السبيل والغرباء، وبُنيت الحمامات والخانات والحدائق ليستمتع بها الفقراء بكل شرائحهم، بل تعدى الأمر إلى توفير أوقاف لإيناس الغرباء، ورفع معنويات المرضى إلى غير ذلك من المؤسسات التي كانت تلتمس أولًا وأخيرًا الأجر والمثوبة من الله تعالى، والفوز برضوانه وجنته.

إن هذه النظرة الشمولية للخدمات التي يقدمها الوقف ما كان لها أن تكون لولا حرص الأمة على الاستجابة لتوجيهات ربها، وإرشادات نبيها محمد - صلى الله عليه وسلم - الداعية لفعل الخير؛ يقول تعالى: "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، والتي تشجع على البذل والعطاء لنيل الدرجات العلى يوم القيامة؛ يقول تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، وقد حدّد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - المسارات الرئيسة للوقف؛ حين قال: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علمًا نشره، وولدًا صالحًا تركه، ومصحفًا ورثه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهرًا أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، تلحقه بعد موته).

إن الوقف هو صانع الحضارة الإسلامية، وسجل تاريخها الحافل بالشواهد الصادقة المصدقة على خيرية هذه الأمة، التي جسدت تعاليم ربها وتوجيهات نبيها صلى الله عليه وسلم في الواقع المعاش؛ سلوكًا وممارسة، ولعل آلاف المساجد القائمة، والمبرات الخيرية ومئات السبل والخانات، والأربطة، والزوايا التي لا تزال تفيض بعطائها وما تزال آثارها الباقية، تشهد على فعالية الوقف في حياة الأمة.

لقد تنافس في أعمال البر والإحسان، الرجل والمرأة، والحاكم والمحكوم، والعربي والأعجمي، والقائد العسكري، والقاضي، والعالم، والحاكم الإداري، والأشراف، والموالي، بل يندر أن نجد حاكمًا، أو أميرًا، أو قائدًا مشهورًا، أو ثريًّا إلا وقد ترك أثرًا وقفيًّا تنتفع به شريحة من شرائح المجتمع الضعيفة، وكل ذلك طمعًا في الأجر والثواب، لا شيء سواه.

ولعل من أبرز ما يميز الوقف في الحضارة الإسلامية أنه مُحَصَّنٌ بسياج من التشريعات والقوانين، وآليات المراقبة والمحاسبة؛ ما جعله من أرقى الأنظمة الاقتصادية التي أنتجها الفكر الإسلامي، فعزت من الفاعلية الحضارية للأمة على امتداد عصور التاريخ.

وتشير المصادر إلى أن نسبة عالية من المؤسسات الخدمية والتعليمية والدينية والاجتماعية في المدن الإسلامية الكبرى كانت تدار من أموال الوقف.

ولقد زادت وتيرة الوقف، وتنوعت مصارفه، وتنامت موجوداته، منذ العصر الأيوبي؛ ليبلغ الذروة في العصرين المملوكي والعثماني، فقد أسهم الوقف في العصر الأيوبي في إعادة الوجه العربي الإسلامي للمدن الشامية بعد أن مسخه الاستعمار ، إذ قام صلاح الدين الأيوبي بتشجيع الوقف ودعمه بكل السبل، وقاد بنفسه مشروعات الوقف الكبرى في مختلف المجالات، وعلى رأسها المجال الثقافي، وازدهرت الأوقاف وتطورت في العصر المملوكي، وتضاعفت في بعض الأقاليم في أقل من قرن ونصف اثني عشرة مرة، وفي العصر العثماني فقد زادت الأوقاف تنظيما ونضجًا، وظهرت المشاريع الوقفية الكبرى، وظهر وقف النقود لأول مرة في تاريخنا الإسلامي، وصدرت عديد من القوانين والتشريعات المنظمة للأوقاف، والتي أفضت في نهاية المطاف إلى تكليف شيخ الإسلام في إسطنبول بالإشراف على الأوقاف في كل الولايات العثمانية.

ومن الملاحظ أن الحرمين الشريفين، والمسجد الأقصى، والمسجد الأموي في دمشق، وجامع القرويين في فاس، والجامع الأزهر في مصر، تعد أكثر المساجد حيازة للأملاك الوقفية، وأكثرها ثراء وأثرا في مسيرة الأمة الحضارية، كما تعد مؤسسة خاصكي سلطان الوقفية في القدس، ومؤسسة الحرمين الشريفين في الجزائر، وخط سكة حديد الحجاز، من أكبر المؤسسات الوقفية التي عرفها التاريخ الإسلامي.

وتؤكد المصادر المسطورة والآثار المنظورة بأن المرأة المسلمة تركت بصمات واضحة في مسيرة الوقف في مختلف المجالات الثقافية والخيرية العامة والخاصة، ولعل بناء جامع القرويين، ومشروع عين زبيدة، ووقفية خاصكي في القدس والحرمين الشريفين، ومكتبة الخالدية في القدس، وأخيرًا جامعة القاهرة .. من أبرز ما يؤكد على فاعلية المرأة في هذا الحقل المهمِّ من حقول عطاء الإسلام في مجال البر والإحسان.

إن نهضتنا العلمية والصحية والاجتماعية والاقتصادية مدينة إلى حد كبير للوقف وما قدمه من خدمات أسهمت في محاربة الفقر والجهل والمرض، وحفظت كرامة الإنسان، بل حوَّل الطبقات التي كانت تعيش على هامش الحياة من ذوي الاحتياجات الخاصة والفقراء والمساكين إلى صُنَّاع للحياة والحضارة، كما لا يوجد إقليم من الأقاليم التي دخلها الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها إلا وهو مدين للوقف في تنويره بتعاليم الدين الحنيف.

وكذلك لا يوجد عالم يشار له بالبنان إلا وهو مدين للوقف الذي وفَّر له الظروف المناسبة للإبداع؛ من كتاتيب، ومدارس ومكتبات منظمة، تنفق على طلبة العلم بسخاء، بل إن العجماوات لو نطقت لأثنت على ما قدمه لها الوقف من خدمات حفظت حياتها وحقوقها بتوفير الطعام، والعلاج، والمأوى، وبعبارة أخرى كان الوقف يمثل تيارا عاما في حضارتنا الإسلامية، لم يقتصر على إقليم دون آخر، بل انتشرت فاعليته مع انتشار الإسلام، وغدا لكل إقليم من الأقاليم نكهته الخاصة في أعمال البر والإحسان التي تلبي حاجياته.

1- تعريف الوقف

تعريف الوقف لغةً: الْوَقْف مصدر: وقف يقف (بالتخفيف)؛ ومادة وقف: "الواو والقاف والفاء: أصل واحد يدل على تمكُّث في شيء، ثم يقاس عليه" ، ويطلق الْوَقْف ويراد به: الشيء الموقوف؛ تسمية بالمصدر، والجمع: أوقاف؛ مثل: ثوب وأثواب، ووقت وأوقات، وفي لسان العرب: نقول: وقفت الشيء أقفه وقفًا، ولا يُقال فيه: أوقفت، إلا على لغة رديئة.

ويطلق الْوَقْف في اللغة على معانٍ، أقربها للمدلول الاصطلاحي: أ - الحبس؛ يُقال: وقف الدار وقفًا: حبسها في سبيل الله؛ ووقف الشيء وحبس وأحبسه بمعنى واحد، والجمع أوقاف وأحباس، وسمُي: وقفًا؛ لأن العين موقوفة، وحبسًا؛ لأن العين محبوسة ، وكل ما حُبس بوجه من الوجوه فهو حبيس، والحبيس فعيل بمعنى مفعول؛ أي محبوس على ما قُصد له، لا يجوز التصرف فيه لغير ما صُيّر له، وتحبيس الشيء أي يبقى أصله . ب - المنع؛ يُقال: وقفت الرجل عن الشيء وقفًا، منعته عنه ، ذلك أنَّ الواقف يمنع التصرف في الموقوف، ومقتضى المنع أن تحول بين الرجل وبين الشيء الذي يريده، وهو خلاف الإعطاء وهناك إطلاقات أخرى منها: السكون، والتعليق، والتأخير .. وغيرها .

تعريف الوقف اصطلاحاً: عرف الفقهاء الْوَقْف بتعريفات مختلفة تبعًا لاختلاف مذاهبهم في بعض شروط الْوَقْف وأحكامه، وهذه التعريفات في جملتها متقاربة لا تخرج عن المقاصد العامة لحقيقة الْوَقْف.

والذي نختاره من التعاريف، هو تعريف ابن قدامة الحنبلي للوقف:" تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة". والسبب في اختيارنا لهذا التعريف دون غيره من التعاريف يرجع: أولاً: إلى أن هذا التعريف مقتبس من قول الرسول  لعمر بن الخطاب  :"حبس الأصل وسبل الثمرة"، والنبي  أفصح الناس لساناً وأكملهم بياناً، وأعلمهم بالمقصود من قوله. ثانياً: إلى أن التعريف لم يعترض عليه بما اعترض به على بقية التعاريف الأخرى. ثالثاً: أن هذا التعريف اقتصر على ذكر حقيقة الوقف فقط، ولم يدخل في تفصيلات أخرى، دخلت فيه بقية التعاريف، كاشتراط القربة، أو ابقاء الملكية على ملك الواقف أو خروجها عن ملكه وغير ذلك من التفاصيل، بل ترك بيان ذلك وتفصيله عند الكلام عن الأركان والشروط، إذ أن الدخول في التفاصيل قد يخرج التعريف عن دلالته ، ويبعده عن الغرض الذي وضع لأجله وهذا التعريف جاء موافقا لتعريف الوقف في قانون الوقف في الشارقة : " حبس الأصل وتسبيل المنفعة" .

2- مشروعية الوقف :

1- الأدلة على مشروعية الوقف: ذهب جمهور الفقهاء، من الحنفية في المذهب، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، واستدل جمهور الفقهاء لما ذهبوا إليه بالكتاب والسنة، وآثار الصحابة، والإجماع، والنظر، والمعقول.

من الكتاب: فقد تضافرت آيات القرآن الكريم في الحث على فعل الخير بعامة، وعلى الإنفاق في وجوه البر خاصة؛ والوقف بشكل أخص، وهو من أعمال البر والخير بلا أدنى شكٍّ؛ فمن ذلك: قوله تعالى :" لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ" آل عمران، آية ٩٢. وجه الدلالة: أنّ مما يدخل في نيل البرّ: الْوَقْف؛ بدليل ما أخرجه الشيخان عن أنس قال: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالًا من نخلٍ، أحب ماله إليه بَيرُحاء ، مستقبلة المسجد، وكان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلمّا نزلت الآية: " لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ" قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله، إن الله يقول: " لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ"، وإن أحب أموالي إليَّ بَيَرُحاء"، وإنها صدقة لله، أرجو بِرّها وذخرها عند الله تعالى، فضعها حيث أراك الله، فقال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "بخ ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين"، قال أبو طلحة: "أفعل ذلك يا رسول الله"، فقسمها أبو طلحة في أقاربه، وفي بني عمه، وفي لفظ قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلها في قرابتك"، فجعلها في حسان بن ثابت، وأبي بن كعب.

أما السنة: وأما السنة النبوية فقد جاءت مؤكدة ومبينة لمشروعية الْوَقْف؛ قولًا وفعلًا وتقريرًا:

1- فمن السنة القولية: أ) حديث أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم -، وفيه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" وقد حمل العلماء الصدقة الجارية المستمرة الثواب بعد الموت المذكورة في الخبر على الْوَقْف، وقال البغوي: "هذا الحديث يدل على جواز الْوَقْف على وجوه الخير واستحبابه، وهو المراد من الصدقة الجارية ، وقال النووي: "قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة؛ لكونه كان سببها، فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خَلَّفَه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية، وهي الوقف . ب) وأيضا ما أخرجه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أصاب أرضًا بخَيْبَرَ ، فأتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبتُ أرضا بخيبر لم أُصِبْ مالًا قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: "إن شئتَ حبستَ أصلها وتصدَّقتَ بها"، قال: فتصدّق بها عمر؛ أنه لا يباع أصلها ولا يُبتاع، ولا يورث، ولا يوهب، قال: فتصدّق عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل والضعيف، لا جناح على متوليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يُطعم صديقًا غير متموّل فيه . قال ابن بطال: "هذا الحديث أصل في إجازة الحبس والوقف، وقال ابن عبد البر بعد إيراده لحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "وبه يَحْتَجُّ كُلُّ من أجازَ الأحباس، وقال الفِنْدَلَاوي المالكي: "والحديث فيه أدلة؛ أحدها: أن قوله حبّس الأصل يقتضي منع بيعه وهبته، والثاني: أنّ عمر إنما قصد القربة، والثالث: ما كتبه بعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه لا يباع ولا يوهب، وقال النووي: "في هذا الحديث دليل على صحة أصل الْوَقْف، وأنه مخالف لشوائب الجاهلية، وقال ابن حجر: "حديث عمر هذا أصل في مشروعية الْوَقْف.

2- وأما من السنة الفعلية: فقد ثبت أنّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وقف بعض ماله ، من ذلك: أ) ما جاء في حديث عمرو بن الحارث - رضي الله عنه - قال: "ما ترك رسول الله دينارًا ولا درهمًا ولا عبدًا ولا أمة، إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها، وسلاحه، وأرضًا جعلها لابن السبيل صدقة" ، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - تصدق بمنفعة الأرض فصار حكمها حكم الْوَقْف قال ابن عبد البر تعليقًا على حديث عمرو بن الحارث وغيره: "فهذه الآثار وما أشبهها مما لا مدخل للتأويل فيها، بها احتج من أجاز الأوقاف. ب) ومنها أموال "مخيريق" التي أوصى بها إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فوقفها النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - سنة سبع؛ وهي: سبع حوائط: الدلال، وبرقة، والأعراف، والصافية، وميشب، وحسنى، ومشربة أم إبراهيم.

3- وأما السنة التقريرية: ما ثبت من أن خالد بن الوليد - رضي الله عنه - وقف أدرعه وأعتاده في سبيل الله، كما قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا، فقد احتبس أدرعه وأعتاده في سبيل الله، أي وقفها في سبيل الله. وجه الدلالة أنّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اعتذر لخالد بكونه حبسها في سبيل الله، وهذا إقرار صريح من النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لفعل خالد بن الوليد - رضي الله عنه -؛ وبه استدل كل من أجاز وقف كل عين ينتفع بها على الدوام .

أما الإجماع : نُقل الإجماع بصيغ مختلفة.

1- فمنهم من نقل الإجماع الصريح، وهذا على وجهين: أ) حكاية إجماع الصحابة: قال جابرٌ بن عبد الله رضي الله عنهما: لم يكن أحد من أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ذو مقدرة إلا وَقَفَ، وهذا إجماعٌ منهم، فإن الذي قدر منهم على الْوَقْف وَقَفَ، واشتُهَرَ ذلك، فلم ينكره أحدٌ، فكان إجماعًا، وقال الفِنْدَلَاوي: "وقد أجمع الصدر الأول على صحة الْوَقْف، وقال القرطبي: " .. المسألة إجماع من الصحابة، وذلك أن أبا بكر وعمر عثمان وعليًا وعائشة وفاطمة وعمرو بن العاص وابن الزبير وجابرًا كلهم وقفوا الأوقاف، وأوقافهم بمكة والمدينة معروفة ومشهورة. ب) نقل إجماع عامة العلماء على أصل الْوَقْف: من ذلك: قول ابن هبيرة: "اتفقوا على جواز الْوَقْف" ، وقول شيخي زاده الحنفي: واجتمعت الأم على جواز الْوَقْف" (. 2- ومنهم من حكى الإجماع بصيغة نفي الخلاف في جوازه وصحته: ومن ذلك: قول الترمذي عند تعليقه على حديث ابن عمر رضي الله عنهما الآنف في وقف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - للأرض التي أصابها في خيبر: "وَالعَمَلُ عَلَى هذا عند أهل العلم من أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، لا نعلم بين المتقدمين منهم في ذلك اختلافا في إِجازَةِ وَقْفِ الأرضين وغير ذلك".

آثار الصحابة: اشتُهر الْوَقْف بين الصحابة - رضي الله عنه - وانتشر؛ حتَّى صار لا يجهله أحد، وتؤكده النقول الآتية: قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "لَمْ يَكُنْ أَحد من أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ذو مقدرة إلا وقف" (، وفي لفظ: "فلم أعلم أحدًا كان له مال من المهاجرين والأنصار إلا حبس مالًا من ماله صدقة مؤيدة، لا تُشترى، ولا توهب، ولا تورث" ، وقال الشافعي: "بلغني أن ثمانين صحابيًا من الأنصار تصدّقوا بصدقات محرمات"، والشافعي يسمي الْوَقْف: الصدقات المحرمات" ، وقال أحمد بن حنبل: "من يرُدُّ الْوَقْف إنما يرد السنة التي أجازها النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وفعلها أصحابه"، وقال الحميدي شيخ البخاري: "وتصدق أبو بكر بداره بمكة على ولده" ، وعمر بريعه عند المروة على ولده ، وعثمان برومة (البئر)، وتصدق علي بأرضه بينبع، وتصدّق الزبير بداره بمكة وداره بمصر وأمواله بالمدينة على ولده .

5- أما النظر (المعقول): قالوا: إن الإنسان لما جاز له أن يتصدق بجميع ماله في حال صحته، أو يشتري به أرضًا يجعلها مقبرة للمسلمين للدفن، وأنّ ذلك جائز بإجماع .. فكذلك ما اختلفنا فيه، إذ لا فرق بين ذلك في الحقيقة .

3- الحكمة من مشروعية الوقف:

أولًا: التقرب إلى الله تعالى: الوقف من أكثر الصدقات تحقيقًا لمرضاة الله سبحانه وتعالى؛ إذ هو يندرج تحت التصدق في وجوه الخير المأجور به شرعًا، وفي الوقت نفسه يتجدد الانتفاع بالموقوف على مدى الأزمنة، فهو من القربات التي يسري ثوابها للمحسنين في حياتهم الدنيا وبعد مماتهم.

ومن هنا نجد أن العلماء جعلوا التقرب إلى الله عز وجل المقصد الرئيس للوقف، وقال الزركشي: "واعلم أن مراتب القُرَب تَتَفاوَتُ، فالقُرْبَةُ في الهِبَةِ أتَمُّ منها في الْقَرْضِ، وفي الوَقْفِ أَتَمُّ منها في الهِبَةِ؛ لأنَّ نفعه دائمٌ يتكرر.

ثانياً: تكثير الأجر: الوقف من الصدقة الجارية التي أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنها من العمل الذي لا ينقطع، فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".

ثالثًا: صلة الأرحام وبر الأحباب: الوقف على ذوي الأرحام والأحباب يحقق للإنسان ما يشعر به من لزوم الإحسان إلى ذويه أو فئات معينة من المجتمع، بطريقة برّ صحيحة، تعود عليه بالنفع في آخرته، وتتيح له فرصة تنفيذ ما يرغب فيه من البر وإيصال الخير. فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أصاب أرضًا بخَيْبَرَ ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إنِّي أصَبْتُ أرضًا بخَيْبَرَ لم أُصِبْ مالًا قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: "إن شئتَ حبستَ أصلها وتصدّقتَ بها"، قال: فتصدّق بها عمر؛ أنه لا يباع أصلها ولا يُبتاع، ولا يورث، ولا يوهب، قال: فتصدّق عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل والضعيف، لا جناح على متوليها أن يأكل منها بالمعروف، أو يُطعم صديقًا غير متموّل فيه ، قال النووي في تعليقه على الحديث: "فيه فضيلة صلة الأرحام والوقف عليهم" .

رابعًا: إغناء الذرية: يحقق الوقف رعاية الأولاد والذرية بالحفاظ على أموال المورث بعد وفاته من الضياع؛ لأن كثيرًا من الوارثين يتلقون الأموال التي ورثوها إسرافًا وبدارًا، ثم يظل أحدهم عالة يتكفف الناس؛ ولهذا قال زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: "لم نر خيرًا للميت ولا للحي من هذه الحبس الموقوفة، أما الميت فيجري أجرها عليه، وأما الحي فتُحبس عليه ولا توهب ولا تورث، ولا يقدر على استهلاكها" .

خامساً: إطالة أمد الانتفاع بالمال: الوقف يضمن بقاء المال والانتفاع به لجيل بعد جيل، وفي هذا الصدد يقول ولي الله الدهلوي: " فإن الإنسان ربما يصرف في سبيل الله مالًا كثيرًا، ثم يفني، فيحتاج أولئك الفقراء تارة أخرى، ويجيء أقوام آخرون من الفقراء، فيبقون محرومين، فلا أحسن ولا أنفع للعامة من أن يكون شيء حبسًا للفقراء وأبناء السبيل تصرف عليهم منافعه، ويبقى أصله.

سادسًا : تحقيق تدوير المال في المجتمع وتفتيت الثروة: معلوم أن من أهم المقاصد الشرعية حفظ الضروريات، والتي من أهمها حفظ المال إيجادا، ومحافظة، وتنمية. ويترتب على هذا المقصد أهمية تدوير المال في المجتمع من الغني إلى الفقير والمستحق له بكافة صوره؛ لكي لا يكون المال دولة بين الأغنياء، أي مركزا بيد الأغنياء، وحتى لا ينشأ الفقر متجذرا في المجتمع مما يؤدي إلى حصول الأمراض الاجتماعية، والجرائم الناتجة عن الفقر من السرقة والاعتداء على الأموال بطرائق متعددة من سرقة واختلاس ورشوة، وغيرها من الطرائق.

ومبدأ تدوير المال بين الأغنياء والفقراء، وتفتيت الثروة يسهم في إحداث توازن في طبقات المجتمع، والوقف الإسلامي بأبعاده المختلفة من أهم الأسباب الشرعية المتعلقة بالمال لتحقيق هذا المبدأ، حيث إن كثيرا من الأغنياء يوقفون ثلث أموالهم أو ربعها أو أقل، ونشاهد أن هؤلاء المحسنين بفعلهم هذا يسهمون في عدم تركز المال بيد الفئة الغنية، مما يحدث هذا التوازن المنشود.

سابعًا: الإسهام في تحقيق التنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة في المجتمعات الإسلامية: التنمية الاقتصادية، والتنمية المستدامة فعل اقتصادي يعني: تحويل المال في المجتمعات إلى مشاريع تخدم البنية التحتية للمجتمات من صناعة وزراعة وتجارة، وغيرها من مجالات التنمية، إضافة إلى توجيه هذه المشاريع الأساسية إلى تنمية المجتمعات، بمعنى أن تكون مشاريع ضخمة وتمتد لمدد زمنية طويلة تمتد إلى مئات السنوات، وأحسن أداة مالية يمكن أن تحقق هذه المشاريع هي الأوقاف، فتحقق ريعا للمستفيدين، وتحقق تنمية اقتصادية مستدامة للمجتمعات، مما يجعل الوقف أداة فاعلة في تحقيق هذا المقصد الاقتصادي المهم في المجتمعات الإسلامية.

4- أركان الوقف وشروطه وأنواعه:

1- أركان الوقف: تعريف الأركان لغة: جمع ركن، ورُكْن الشيء لغة: جانبه الأقوى . واصطلاحا: الرُّكْن مَا يتم بِهِ الشَّيْء، وَهُوَ دَاخل فِيهِ" . وإنشاء الوقف يتوقف على تحقق أركانه، وتوافر شروطه، والأركان التي يتحقق بها إنشاء الوقف ووجوده أربعة أركان إجمالًا؛ هي:

الركن الأول: الواقف؛ وهو الإنسان الذي يقوم ببذل المال محل الوقف؛ ليحبس أصلها لله تعالى، ويسبل منفعتها لمصارفها.

الركن الثاني: الموقوف؛ هو المال الموقوف، وله شروط وتفصيلات في موضعها.

الركن الثالث: الموقوف عليه؛ وهم الذرية أو الفقراء والمساكين والمحتاجين على اختلاف حاجاتهم.

الركن الرابع: صيغة الوقف؛ وهي الألفاظ التي ينعقد بها الوقف، وتتحقق شروطه من قبل الواقف.

2- شروط الوقف:

أ‌- الشروط المعتبرة في صيغة الوقف: يشترط في صيغة الوقف شروط من أهمها :

1 - أن تكـون دالة على الجـزم بالعقد، فلا ينعقد الوقـف بالوعد به، كما لو قال: سأقف على ذريتي، وما أشبه ذلك . 2 – ينعقد الوقف باللفظ أو الكتابة أو الإشارة المفهومة ويصح بالفعل مع القرينة الدالة على قصد الوقف ،وصحة الوقف بالفعل مع القرينة الدالة على قصد الواقف وهو قول المالكية والحنابلة ومقتضى ذلك أن الصيغة الفعلية تكفي للدلالة على الوقف وينعقد بها وهذا ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة {5} من ذات القانون .

ب‌- شروط الواقف: ت‌- وشروط المال الموقوف شروط المال الموقوف وأنواع الأموال التي يصح فيها الوقف: يشترط في المال الموقوف الشروط الآتية : 1 - أن يكـون مالا متقوماً ، مباح النفع مطلقا ، فخرج ما لا نفـع فـيه ، ومـا نفعـه محـرم كالخمـر والخـنزير ، وما منفعته مقيدة بالضرورة كالميتة . 2 - أن يكـون مملوكا في الغالب؛ لأن التبرع تصرف ينقل الملك ، فلا يجوز لإنسان أن يتصرف فيما لا يملكه ولا ولاية له عليه . 3 - أن يكـون معلوما حـين الوقـف فلا يصح وقف المجهول . ث‌- شروط الموقوف عليه:

3 - أنواع الوقف: جاء في قانون الوقف في الشارقة بيان لأنواع الوقف، وأن الوقف إما أن يكون وقفاً خيرياً، أو يكون وقفاً أهلياً ، أو يكون وقفاً مشتركاً وهو ما يخصص الواقف منافعه لجهة خيرية وأهلية، أو مؤقتاً أخذاً من المذهب المالكي الذي يجيز توقيت الوقف، وإما فردياً يصدر من شخص معين، وإما جماعياً الذي يصدر من جماعة أو ما تعلن عنه دائرة الأوقاف يساهم فيه عموم الناس مثل: سقيا الماء، وبيتي في الجنة، و الوقف التعليمي.

  1. الوقف الخيري: هو ما خصصت منفعته لعموم البر، أو لجهة خيرية.
  2. الوقف الأهلي (الذري): ما يوقفه الواقف على نفسه ابتداءً، أو على أولاده، أو كليهما معاً، أو على أشخاص معينين من ذريته أو من غيرهم.
  3. الوقف المشترك: ما خصصت منفعته لعموم البر وللذرية معاً.
  4. الوقف المؤقت: الذي حدد الواقف له مدة محددة أو طبقة محددة من ذريته، ولا تدخل فيه المساجد والمقابر.
  5. الوقف الفردي: الوقف الذي يوقفه شخص واحد.

5- أنواع الأموال التي يصح فيها الوقف .( منقول ، غير منقول ، منافع).

نصت المادة 8 من القانون رقم 8 لسنة 2018 على جواز وقف العقار والمنقول وبكل ما هو متمول ينتفع به شرعا ولو كان نقدا أو منفعة بما في ذلك الأسهم والصكوك وجميع الأوراق المالية والأسماء التجارية وحقوق الملكية الفكرية وما يأخذ حكمها إذا كان استغلالها جائزا شرعا وكذلك وقف النقود للإقراض أو الاستثمار بالمصارف الإسلامية وما في حكمها وصرف أرباحها على الجهات الموقوفة عليها .

حكم وقف العقار : اتفق العلماء على مشروعية وقف العقار ، وأنه من القرب المندوب إليها ، بل نقل إجماع الصحابة على ذلـك جماعة من العلماء منهم : القرطبي ، وموفق الدين بن قدامة المقدسي ، والنووي ، وغيرهم ، وقال الترمذي في سننه : ( والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، لا نعلم بين المتقدمين منهم في ذلك اختلافا في إجازة وقف الأراضين وغير ذلك )

حكم وقف المنقول والمنافع : المنقول الذي وقع فيه الخلاف هو ما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه كالحيوان والسلاح والأثاث والأجهزة وغيرها ، يقصد كذلك بالأعيان التي تفنى ما كانت فائدتها لا تتم إلا بفنائها مثل وقف الشمع لإشعاله، ووقف الزيت للاستضاءة به، ووقف الطيب لشمه، ووقف الوقود لتشغيل المعدات به، أو وقود التدفئة، ونحو ذلك، فقد أجاز هذا الوقف ابن تيمية رحمه الله من الحنابلة، وهو قول عند المالكية. والراجح صحة وقف المنافع لما يأتي:

  • 1- عدم وجود فرق بين وقف الأعيان ووقف المنافع، فكلاهما من الأموال ، وكلاهما تصح الوصية بهما وقد حثت الشريعة على الوقف، فلا يصح تقييد الوقف إلا بدليل، لقوله تعالى:{ وافعلوا الخير} والخير لفظ عام.
  • 2- ولأن الشريعة أجازت وقف الحيوان والسلاح بلا خلاف، وهي لا تبقى للأبد.
  • 3- وقد قال - صلى الله عليه وسلم – في حديث جابر - رضي الله عنه -: {من أعمر عمرى فهي له، ولعقبه يرثها من يرثه من عقبه } والعمرى قريبة من وقف المنافع.

وعليه: يجوز وقف المنافع والحقوق كالارتفاق والملكية الفكرية وبراءة الاختراع والتأليف وحق الابتكار والاسم التجاري والعلامة التجارية وقفا خيريا أو وقفا ذرياً للانتفاع بريع هذه المنافع ً للانتفاع بريع هذه المنافع . نصت الفقرة الأولى من المادة {8 }على ما يلي : يجوز وقف العقار والمنقول ولو كانا شائعين لا يقبلان القسمة ما لم يكن هناك ضرر على بقية الشركاء ويشمل وقف العقار كل ما عليه من مبان وأشجار وحقوق الارتفاق أما الزرع والماشية والآلات فلا تدخل إلا بالنص عليها.

ودليلهم على ذلك ما روي عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"‏إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ".

حكم وقف الدراهم والدنانير : الذي يظهر رجحانه في هذه المسألة - والله أعلم - هو القول بجواز ذلك مطلقا مع عدم بقاء عينها إذا كان لمنفعة مقصودة شرعا كإقراضها والمضاربة بها ، وهذا ما أخذ به قانون الأوقاف القانون رقم 8 لسنة 2018م. نصت الفقرة 2 من المادة :‬8 من القانون رقم 8 لسنة 2018 في شأن الوقف في إمارة الشارقة على جواز وقف كل متمول ينتفع به انتفاعا شرعيا ولو كان نقدا أو منفعة بما في ذلك الأسهم والصكوك وجميع الأوراق المالية والأسماء التجارية وحقوق الملكية الفكرية ونصها :" يصح الوقف بكل متمول ينتفع به انتفاعا شرعيا ولو كان نقدا أو منفعة بما في ذلك الأسهم والصكوك وجميع الأوراق المالية والأسماء التجارية وحقوق الملكية الفكرية وما يأخذ حكمها إذا كان استغلالها جائزا شرعا".

6-الوقف المضاف إلى ما بعد الموت ( الوصية بالوقف)

الوقف إما أن يكون منجزا حال الحياة أو مضافا إلى ما بعد الموت ، أما المنجز فينفذ بمجرد صدوره من الواقف، ويجوز أن يكون في المال كله أو في نصيب معين وفقا لرغبة الواقف كما لو قال : وقفت مالي كله وقدره كذا أو مبلغ معين على أعمال الخير أو البر وقفاً منجزاً.
أما الوقف المضاف إلى ما بعد الموت وهو ما ضمّن الواقف صيغته ما يفيد تأجيل نفاذ وقفه إلى ما بعد وفاته، كما لو قال: بأنني وقفت ثلث مالي من بعد وفاتي لينفق من ريعه على وجوه الخير، فإنه ينطبق عليه أحكام الوصية فلا يزيد عن ثلث مال الموصي، فإن كان ما وقفه يزيد على الثلث نفذ الوقف في حدود الثلث وتوقف فيما زاد عن الثلث على إجازة الورثة ، فإن أجازوه نفذ ، وإن لم يجيزوه بطلت الزيادة ، وإن أجازه البعض دون البعض نفذ الوقف في حق من أجازه، وبطلت الزيادة في حق من لم يجزه .
وهذا ما نصت عليه المادة 22 من قانون الوقف رقم 8 لسنة 2018، بعدم جواز الوصية بما يزيد عن ثلث مال الموصي أو الإضرار بالورثة.

7-الفرق بين الوقف والوصية:

هنالك عدة فروق بين الوقف والوصية منها:
1)الوصية لا يعمل بها إلا بعد الموت، أما الوقف فيعمل به في الحال وعند صدوره .
2)يجوز للموصي الرجوع في الوصية بعد إنشائها، أما الوقف فلا رجوع فيه عند عامة أهل العلم.
3)تمليك منفعة الوقف يظهر حكمه أثناء حياة الواقف وبعد مماته، والتمليك في الوصية لا يظهر حكمه إلا بعد موت الموصي.
4)الوصية لا تجوز إلا بالثلث فأقل، أما الوقف فإنه لا حد لأكثره.
5)الوصية لا تجوز للورثة وإذا أوصى للورثة لا تنفذ إلا بإجازتهم لها، أما الوقف فيجوز على الورثة وعلى غيرهم ولا يتوقف على إجازة أحد.
7)الوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، بينما الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع، سواء كان في الأعيان أو في المنافع.
وقد نصت المادة ‬22 من قانون الوقف على أحكام الوقف المضاف إلى ما بعد الموت :
‬1 ــ لا يجوز للواقف أن يوصي بوقف ما يزيد على ثلث ماله على من يشاء من غير ورثته أو على جهة خير إلا بإذن الورثة أو على بعض ورثته إلا بإذنهم وتكون العبرة بقيمة ثلث ماله عند إنشاء الوقف فإن لم يكن له وارث عند إنشائه فيجوز له وقف كل ماله على من يشاء.
‬2 ــ لا يجوز للواقف حرمان ورثته ذكورا أو إناثا من الاستحقاق في الوقف كله أو بعضه إن كان الوقف على الذرية ولا اشتراط ما يقتضي حرمانهم إلا إذا كان هناك سبب تقدره المحكمة وإذا زال سبب الحرمان يعود لهم حقهم في الاستحقاق.

8- الوقف أفضل من الوصية:

إن الأفضل للإنسان أن يخرج وقفه في حياته لأنه بإخراجه يبعد عن نفسه الشح ويشرف عليه بنفسه في حياته، ويرى ثمار وقفه أمام عينيه , ومعلوم أنه يوجد فرق بين الوصية والوقف, فالوصية مضافة لما بعد الممات، أما الوقف المُنجز فهو الذي يكون في الحال، فإذا كتب الإنسان وصيته فإنه يذكر فيها أنه إذا مات فإنه يوصي بكذا وكذا، وله بالوصية حق التغيير، وحق الرجوع، وحق الزيادة، وحق النقص، فالكثير من الناس يمتنع عن كتابة الوصية، ظناً منه أنه إذا أوصى بشيء لما بعد مماته، فإنه لا يستطيع الرجوع أو التعديل، لكن الوقف المنجز يختلف عن الوصية، حيث إن الشخص عندما يقول أوقفت هذا العقار مسجداً، أو أوقفت هذا العقار للفقراء والمساكين وقفاً منجّزاً، فإن الوقف لا يُقبل فيه الرجوع على قول جماهير الفقهاء ويخرج من ملك الواقف،وهنا تكون المنفعة للموقوف عليهم .
وعلى الموصي عدم الاكتفاء بالوصية الشفهية، فربما ينسى الشاهد شيئاً منها وربما لا يعلم بها الورثة، وبغير الكتابة قد تضيع الوصية ، فإن توثيق الوصية أدعى إلى ثبوتها وخصوصاً التوثيق الرسمي لدى المحاكم والدليل على أن الأصل توثيقها بالكتابة قوله صلى الله عليه وسلم {ما حق امرئ مسلم يبيت ليلة أو ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده} فينبغي أن تكون وثيقة الوصية أو الوقف واضحة وظاهرة ومثبتة لدى الجهات الرسمية ومعلومة عند الورثة لضمان العمل بها وعدم ضياعها .

9- الوقف على النفس حال الحياة:

الراجح عند الفقهاء صحة الوقف على نفس الواقف بأن يوقف الواقف المال الموقوف على نفسه مدة حياته ثم للجهة التي عيّنها بعد وفاته كذريته أو من غيرهم أو لجهة خير ، لأنه يحق للواقف أن يشترط في وقفه كل ما لا يخالف الشريعة، ويجب العمل بشرطه ، لأن شرط الواقف كشرط الشارع .

10- الفرق بين التبرع والوقف.

الوقف هو حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح موجود.
أما التبرع فهو بذل المكلف مالا او منفعة لغيره في الحال او المآل بلا عوض بقصد البر و المعروف غالبا وللتبرع صور كثيرة منها الصدقة ، والهبة ، والوصية ، والقرض ، والوقف ، والكفالة.
يتضح من التعاريف السابقة ان الفرق بين التبرع و الوقف هو أن المال أصل التبرع ممكن أن يهلك و يتنهي بينما في الوقف فإنه دائم لا ينقطع و هذا يؤدي بنا إلى أن منفعة الوقف مؤبدة بينما منفعة التبرع ممكن أن تزول بهلاك الأل ، كما أن الوقف يعتبر صورة من صور التبرع.
فالصلة بين الْوَقْف والتبرع هي العموم والخصوص، فالتبرع أعم من الْوَقْف، فكل وقف تبرُّع، وليس كل تبرُّع وقفًا.

11- مهام ناظر الوقف وكيفية تعيينه ومحاسبته وعزله:

المراد بناظر الوقف هو : من يكون له الحق في رعاية الأعيان الموقوفة وإدارة شئونها والمحافظة عليها واستغلالها استغلالا نافعا وإجراء العمارة اللازمة لها وجعل الشارع الولاية على الوقف أمراً لازما وحقا مقرراً.
تثبت الولاية على الوقف للواقف ما دام حياً ، ولمن يعينه الواقف نيابة عنه ، وبعد وفاة الواقف أو الناظر المعين تنتقل الولاية إلى القاضي لما له من الولاية العامة، فيولي على الوقف من يباشر شئونه.

شروط ناظر الوقف:
يشترط فيمن يتولى النظر على الوقف جملة من الشروط هي :
الإسلام والعقل والرشد:
لأن النظر ولاية ولا ولاية لكافر على مسلم ، وشرط العقل لأنه لا يصح أن يتولى النظر مجنون ، والرشد لأنه لا يصح تولية النظر لصغير.
العدالة والقدرة على إدارة الوقف:
وذلك بأن يكون قادرا على إدارة الوقف ورعاية شؤونه ، غير محكوم عليه في حد أو جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ولو رد إليه اعتباره ما لم يكن هو الواقف نفسه .

نظارة الوقف من قبل الشخص الاعتباري:
يجوز أن يعهد إلى شخص اعتباري نظارة الوقف بشرط أن توافق دائرة الأوقاف على ذلك إذا كان مؤهلا لإدارة الوقف.
هذه الشروط وردت في المادة 37 من قانون الوقف رقم 8 لسنة2018م.

واجبات الناظر:
يجب على الناظر القيام بكل ما من شأنه الحفاظ على الوقف ورعاية مصلحته ، ومن ذلك:
عمارة الوقف : بأن يقوم بأعمال الترميم والصيانة حفظا لعين الوقف من الخراب والهلاك.
تنفيذ شروط الواقف: فلا يجوز مخالفة شروطه أو إهمالها ويجب الإلتزام بها إلا في أحوال مخصوصة تقدم بيانها.
الدفاع عن حقوق الوقف : يكون الدفاع عن الوقف في المخاصمات القضائية وأمام جميع الجهات ذات العلاقة بالوقف لرعاية حقوق الوقف من الضياع.
أداء ديون الوقف : تتعلق الديون بريع الوقف لا بعينه وأداء هذه الديون مقدم على الصرف على المستحقين لأن في تأخيرها تعريضا للوقف بأن يحجز على ريعه.
أداء حقوق المستحق في الوقف: وعدم تأخيرها إلا لضرورة كحاجة الوقف إلى العمارة والإصلاح أو الوفاء بدين.
وقد نصت المادة 38 من قانون الوقف على مسؤولية ناظر الوقف ونصها :
‬1 ــ يعتبر الناظر أمينا على الوقف وأمواله ووكيلا عن المستحقين وممثلا شرعيا لهم أمام الآخرين.
‬2 ــ يشرف الناظر على حماية الوقف ورعايته وعمارته بإصلاحه واستغلاله وبيع غلاته وصرف ما اجتمع عنده فيما شرطه الواقف وفق شروطه المعتبرة شرعا وما تقتضيه المصلحة.

ما يجوز للناظر من تصرفات وما لا يجوز:
ما يجوز للناظر من تصرفات:
يجوز للناظر كل التصرفات التي يكون فيها فائدة ومنفعة للوقف والموقوف عليهم، مع رعاية ما اشترطه الواقف إن كان معتبراً شرعاً . ومنها على سبيل المثال: أن يؤجر الأعيان الموقوفة ولو على الموقوف عليهم، ويصرف الأجرة التي يحصلها في مصارفها على حسب ما اشترطه الواقف، وكذلك الحال بالنسبة لزراعتها أو بنائها وعمارتها.
ما لا يجوز للناظر من تصرفات :
هناك جملة من التصرفات يمنع منها الناظر لما فيها من الإضرار بمصلحة الوقف من ذلك:
أ‌) التلبس بشبهة المحاباة :كأن يؤجر عين الوقف لنفسه أو لولده لما في ذلك من التهمة.
ب‌) الاستدانة على الوقف : يمنع الاستدانة من ريع الوقف إلا في حال الضرورة ، وذلك لما فيه من تعريض الريع للهلاك أو رهن الوقف بسبب الدين .
ت‌) رهن الوقف: لأن الرهن يؤدي إلى ضياع العين الموقوفة.
ث‌) إعارة الوقف أو السكن فيه: يمنع عليه شرعاً إعارة الوقف إلا للموقوف عليهم، وكذلك الإسكان في أعيان الوقف دون أجرة، أو بأقل من أجرة المثل، لأن هذه الأفعال تلحق الضرر بالموقوف عليهم وقد نصت المادة 42 من قانون الوقف على جملة من الإعمال التي لا يجوز للناظر فعلها إلا بإذن المحكمة.

أجرة الناظر:
ما يجوز للناظر من تصرفات:
يجوز أن يجعل لناظر الوقف مقداراً من المال في كل شهر أو سنة أو مقداراً نسبياً معيناً من الغلة نظير قيامه بأمور الوقف ورعاية مصالحه، فإذا كان الواقف قد عيّن للناظر أجراّ فهو له، وإذا لم يكن الواقف قد عيّن للناظر أجراً على قيامه بشئون الوقف فللقاضي أن يجعل له أجراً مناسباً بحيث لا يزيد على أجر مثله، لأن الزيادة في أجر المثل يترتب عليها إدخال النقص في حقوق المستحقين من الوقف.
وقد نصت المادة 45 من قانون الوقف على أحكام أجرة الناظر ونصها :
1 ــ إذا لم يعين الواقف أجراً للناظر أو عين له أجرا يقل عن أجر المثل يكون للمحكمة أن تعين له أجرا يعادل أجر المثل ولها أخذ رأي الأمانة.
‬2 ــ يستحق الناظر أجره من تاريخ المطالبة القضائية في الحالتين السابقتين ولا تسمع دعوى الناظر بالمطالبة بأجره عند الإنكار وعدم العذر الشرعي بانقضاء سنتين من تاريخ الاستحقاق.
مسؤولية الناظر:
يعتبر الناظر أمينا على مال الوقف ووكيلاً عن المستحقين وممثلا شرعيا لهم أمام الآخرين فهو مسئول عما ينشأ عن التقصير نحو أعيان الوقف وغلته وفقاً للقواعد العامة للمسئولية ، وقد نصت المادة ‬38 من قانون الوقف على مسؤولية الناظر :
‬1 ــ يعتبر الناظر أمينا على الوقف وأمواله ووكيلا عن المستحقين وممثلا شرعيا لهم أمام الآخرين.
‬2 ــ يشرف الناظر على حماية الوقف ورعايته وعمارته بإصلاحه واستغلاله وبيع غلاته وصرف ما اجتمع عنده فيما شرطه الواقف وفق شروطه المعتبرة شرعا وما تقتضيه المصلحة.
محاسبة الناظر وعزله:
يجوز لمن ولىّ ناظراً على الوقف أن يعزله سواء كان من ولاه النظارة الواقف أو القاضي . لأن القاضي له حق العزل لخيانة تثبت على الناظر أو لفقدانه أهليته وأحكام محاسبة الناظر وعزله وردت في المواد 47 و48 و49 من قانون الوقف .
متى تكون دائرة الأوقاف الناظر للوقف :
في بعض الحالات تكون دائرة الأوقاف هي الناظر للوقف وقد حددت المادة 41 من قانون الأوقاف هذه الحالات وأحكامها .
المادة ‬41 : بمراعاة حكم المادة ‬40 من هذا القانون:
‬1 ــ تكون دائرة الأوقاف هي الناظر على الأوقاف التي لم يعين واقفوها نظارا عليها أو شغرت من النظارة.
‬2 ــ لا يصح للناظر تفويض النظارة على الوقف إلى الآخرين وإفراغه له إلا إذا أعطي هذا الحق صراحة من قبل من ولاه.
‬3 ــ لناظر الوقف الحق في توكيل غيره بكل أو بعض ما يملكه من التصرفات سواء كان الناظر هو الواقف أو كان ناظرا حسب شرطه أو هو الموقوف عليه.
‬4 ــ يصح للواقف أن ينصب ناظرا لبعض الأمور دون بعض كأن يجعل إلى واحد العمارة وتحصيل الغلة وإلى آخر حفظها وقسمتها على المستحقين أو يشترط لواحد الحفظ واليد وللآخر التصرف.
‬5 ــ تصرفات الناظر قبل تغييره تعتبر صحيحة وملزمة للواقف ما دامت متوافقة مع شروط الواقف.
6-تشرف الدائرة على جميع الأوقاف التي يكون للنظر عليها لغيرها، وتتولى مسؤولية تسجيل وقيد كافة الأوقاف في السجل المعد لذلك.
وعلى كل ناظر استكمال البيانات المتعلقة بالوقف والتنسيق مع دائرة الأوقاف في كل ما يتعلق بالوقف .

12- مصطلحات وقفية :

1-الإبدال والاستبدال : الإبدال هو بيع عين الوقف ببدل من النقود أو الأعيان ، أما الاستبدال فهو شراء عين أخرى وجعلها وقفاً بالبدل الذي بيعت به عين الوقف .
2-الإدخال والإخراج : الإدخال هو أن يدخل في الاستحقاق من ليس مستحقا في الوقف أو يخرج أحد المستحقين من الموقوف عليهم فلا يكون من أهل الاستحقاق .
3- الإعطاء والحرمان : الإعطاء هو إيثار بعض المستحقين بالعطاء مدة معينة أو دائما ، والحرمان هو منع الريع عن بعض المستحقين مدة معينة أو دائما .
4- الزيادة والنقصان : الزيادة بأن يزيد في نصيب مستحق من المستحقين في الوقف أو ينقص .
5- التغيير والتبديل : التغيير هو حق الواقف في تغيير الشروط التي اشترطها في الوقف ، والتبديل هو حق الواقف في تبديل طريقة الانتفاع بالموقوف بأن يكون داراً للسكن فيجعلها للإجارة .
6- استحقاق : الاستحقاق في الوقف هو جعل أو تخصيص قدر معين أو غير معين من غلة وقف لموقوف عليه، والموقوف عليه هو المستحق ولابد من اتباع شرط الواقف في تحديد المستحق وتوزيع الغلة وكيفية التصريف في نصيب من يموت من المستحقين .
7- انقطاع : هو انقراض الموقوف عليهم في الوقف الأهلي (الذري) بالموت، كأن يقف على أولاده فيموتوا جميعا ولا يبقى من يستحق الريع، أو انقراض الجهة الموقوف عليها في الوقف الخيري كأن يقف على فقراء بلد معين فلا يبقى فيهم فقير.
8- إنتهاء الوقف: انتهاء الوقف هو عودته لملك الواقف أو ورثته ، وينتهي الوقف بانتهاء مدته إن كان مؤقتا عند من يقول بالتأقيت، وكذا ينتهي في كل حصة فيه بانقراض أهلها ويؤول ما انتهى فيه الوقف للواقف كما ينتهي الوقف الأهلي إذا تخربت أعيانها كلها أو بعضها .
9- البر : الاتساع في الإحسان إلى الناس، والبر اسم جامع للخيرات كلها ويطلق على العمل الخالص الدائم وقد اشترط الفقهاء في أن يكون الموقوف عليه جهة بر يتقرب به إلى الله ويرجى الثواب عليه ولذلك لا يجوز الوقف على معصية .
10- بطون : يطلق الفقهاء أولاد البطون على الأولاد من البنات ، ويقابله أولاد الظهور وهم الأولاد من الذكور كما يطلق البطن على نسل الرجل فالبطن الأول هم الأبناء والبطن الثاني هم أولاد الأبناء .
11- تأبيد : يقصد بالتأبيد في الوقف ألا يكون مؤقتاً بأجل معين ينتهي الوقف بانتهائه . 12- تأقيت : يقصد بتأقيت الوقف أن يحدد الواقف لوقفه مدة معينة فإذا انقضت اعتبر الوقف منتهياً وعاد الوقف إلى ملكه .
13- تبرع : التبرع هو بذل المال أو المنفعة للغير بلا عوض بقصد البر والمعروف ، والوقف صورة من صور التبرع .
14- ترتيب الطبقات : هو ترتيب الواقف استحقاق الموقوف عليهم في الوقف في درجات تشمل كل درجة منها مجموعة من المستحقين بحيث لا ينتقل الاستحقاق إلى من بعدهم إلا بوفاتهم ، كأن يقول الواقف ( وقفت على أولادي ثم أولادهم ) .
15- تعطيل الوقف : التعطيل : التفريغ ، وتعطيل الموقوف هو أن تصبح الأعيان الموقوفة غير صالحة للانتفاع بها في الغرض الموقوفة لأجله ، كأن تهجر المساكن حول المسجد وتتعطل الصلاة فيه ، وإذا تعطلت منافع الموقوف يباع ويشتري بدله وقفاً .
16- ذمة الواقف : الذمة في اللغة : العهد والضمان وفي الاصطلاح : وصف يصير الإنسان به أهلاً لما له وما عليه فالأهلية أثر لوجود الذمة واعتبر الفقه الإسلامي الوقف شخصاً اعتبارياً له ذمة مالية مستقلة .
17- رجوع : يقصد بالرجوع في الوقف : أن ينهي الواقف وقفه ويلغيه ويعيده إلى ملكه .
18- جهة : جهة الوقف هو الموقوف عليه الذي يقصده الواقف ويستعمل الجهة في الوقف غالباً مضافة إلى البر والخير والقربة العامة وهو الموقوف عليه غير المعين .
19- حصة : الحصة في اللغة النصيب من الطعام والشراب والأرض ويقصد بالحصة في الوقف نصيب الموقوف عليه من الغلة ويقدرها الواقف .
20- خيرات : الخير في اللغة ضد الشر ، والخيرات في اللغة جمع خيرة وهي الفاضل من كل شيء ، والخيرات في اصطلاح الفقهاء اسم شامل لأبواب البر العامة .
21- ذرية : الذر : النسل ، وذرية الرجل أولاده ، والذرية تشمل أولاد الواقف وبناته وذريتهم .
22- ريع : الريع في اللغة النماء والزيادة ، ويقصد بها غلة الوقف الناتجة عن استثماره .
23- شغور : الشغور في اللغة الخلو والفراغ ، ويقصد به ألا يكون للوقف ناظر ويشمل ثلاث حالات :
-عدم تعيين الواقف ناظراً له .
-وفاة الناظر .
-عزل الناظر.
24- صيغة الوقف : صيغة الوقف مركب إضافي من كلمتين : صيغة ووقف وتطلق الصيغة ويراد بها الألفاظ والعبارات التي يعبر بها الواقف عن إرادته في الوقف .
25- طبقة : الطبقة في اللغة المرتبة وفي الاصطلاح تطلق الطبقة على الجيل أي أهل الزمان الواحد ، كما لو قال الواقف : أرضي صدقة موقوفة على أولادي .
26- عرف : العرف هو العادة المستقرة التي جرى عليها عمل الناس في كلامهم ومعاملاتهم وهو ما يفسر به كلام الواقف وشروطه المنصوص عليها في حجة الوقف .
27- موقوف : الموقوف هو المال الذي وقفه الواقف وجعل غلته على أوجه الخير والبر والنفع .
28- موقوف عليه : الموقوف عليه هو من يستحق الريع من الوقف ، والموقوف عليه أحد أركان الوقف الأربعة ، الصيغة – الواقف – الموقوف –الموقوف عليه ، ويشترط في الموقوف عليه أن يكون جهة بر .
29- نظارة : النظارة في اللغة مأخوذة من النظر ويستعمل كذلك بمعنى الحفظ وإدارة والناظر من يتولى الوقف وتشمل إدارة الوقف عمارته وصيانته والمحافظة عليه ليكون محققاً للغلة كما تشمل صرف الغلة للمستحقين .
30- واقف: الواقف هو من صدر منه الوقف ، ويشترط في الواقف أهلية التبرع بأن يكون مسلماً حراً بالغاً عاقلاً .
31- وقف أهلي: الوقف الأهلي ما جعلت فيه المنفعة ابتداءا على أقارب الواقف أو على أفراد معينين للأفراد ويقال للوقف الأهلي وقف ذري .
32- الوقف الخيري : ما جعلت فيه المنفعة لجهة أو أكثر من جهات الخير .
33- الوقف المشترك : ما يجمع بين الوقف الخيري والأهلي .