لا يخفى على المتأمل منا عناية الإسلام بالأسرة وعناية الإسلام بالعائلة، وخص ديننا الحنيف الأقارب في أكثر من آية، حيث وردت العناية بذوى القربى في القرآن في ست عشرة آية، منها قوله تعالى:" وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض"، ويدل على ذلك مبادرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقف على الأقربين، فهذا عمربن الخطاب رضي الله عنه أقره النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل من ضمن مصارف وقفه بخيبر على القربى القربي، وأبو طلحة رضي الله عنه، أشارله النبي صلى الله عيه وسلم أن يجعل وقفه في الأقربين، وصح عن الزبير رضي الله عنه أنه جعل دورا له (عقار) صدقة أو وقفاً على بنيه، وقد جاء في السنن من حديث سلمان بن عامر رضي الله عنه : " قوله صلى الله عليه وسلم : الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذى الرحم ثنتان صدقة وصلة.

إن الوقف العائلي ليس فقط استثمارًا في الآخرة، بل هو بناء راسخ لقيم التعاون والتكافل بين الأبناء والأحفاد، ومصدر فخر تتوارثه الأجيال، وينتفع به المجتمع بأسره في التعليم، والصحة، والخدمات الإنسانية. فليكن لكل أسرة بصمتها الوقفية، ولنجعل من عطاء عائلاتنا منارة تلهم الآخرين، ونمضي جميعًا في إمارة العطاء على خُطى الأجداد والآباء الذين غرسوا بذور البر والإحسان.

ماهية مبادرة الوقف العائلي

الوقف العائلي هو صورة مشرّفة من صور العطاء المستدام، ونموذج رائد يعكس روح التكافل بين أفراد العائلة، يجمعهم على هدف سامٍ، ويخلّد أثرهم في المجتمع.

فالوقف العائلي هو ما حبسه الشخص أو الأشخاص من الأعيان على مصلحة عائلته ، كأن يقف عقار أو أسهما في شركة أو نقودا على المحتاج من عائلته ونحو ذلك، فهو وقف عائلي تصرف غلته على عائلة الشخص وأسرته أو على جهة بر عامة